.jpg)
ﻭﺍﻟﺴَّﻴﻒُ ﻓﻲ ﺍﻟﻐِﻤﺪِ ﻻ ﺗُﺨشَى ﻣَﻀﺎﺭﺑُﻪ….ﻭﺳﻴﻒُ ﻋَﻴﻨﻴﻚِ ﻓﻲ ﺍلحَالَين ﺑﺘّﺎﺭُ.
الشاعر السوداني إدريس جماع صاحب أبلغ بيت في الشعر العربي في الغزل . . هل سمعتم عنه ؟
يهدف المقال إلى تسليط الضوء على مفصل مهم في شعر إدريس محمد جامع ، وبخلاف ذلك الحديث عن ذلك ، وتتزايد الدراسات حوله إذا أردنا أن ننظر إلى مظهر ديوانه ، حيث تنوعت أشعار الشاعر عبر صفحاته. ديوان ، يحلق به أحيانًا ويأخذ منه ما يأخذ ، له مكانة رائعة ، خاصة أنه يعانق النيل مرة واحدة ويمر بروحه في الخرطوم ، وفي أوقات أخرى يقف عاجزًا ضد حساسيته ومشاعره ، فهو شاعر تميزت قصائده في اتجاهات عديدة ، يبرزها ، لكنه ينسى أنه يؤسس الواقع في إطار تقني تسود فيه جماليات كل شيء ، ولكن بعيون مزعجة ومذهلة في تألقها ، والتي تعكس آثارها على نفسية المتلقي. من يعيد النظر في مقدمة ديوانه سيقرر أنه اكتسب الجمالية في قصائده بتناغم مع حركة الحياة وموجها المد والجزر. قصد الحفاظ على التجديد دون التنويم المغناطيسي والوهم ، وأراد التوجه نحو الفردية والاستقلالية ، لكنه فاته الوقت وفقد الأمل ، فكان صوت صراعه مع نفسه يسمع في قصائده ، وكأنه لم يهتم بنفسه كما لو كان متعبًا مثل أراد تلك اللحظات الخالدة أن تعيش الخلود مع الرجل العربي الذي يكافح نفسه بمرور الوقت.
إدريس محمد جَمَّاع ( ١٩٢٢ - ١٩٨٠ ) شاعر سوداني مرموق له العديد من القصائد المشهورة والتي تغنّى ببعضها بعض المطربين السودانييّن وأُدرج بعضها الآخر في مناهج التربية والتعليم المتعلقة بتدريس آداب اللغة العربية في السودان.
يقال أن شاعراً سودانياً أصيب بمرض نفسي ، ﻭﺃﺭﺍﺩ ﺃﻫﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﻌﺎﻟﺠﻮﻩ ﺑﺎﻟﺨﺎﺭﺝ. ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﻄﺎﺭ ﺭﺃى إمرأة " ﺟﻤﻴﻠﺔ" برفقة زوجها ؛ ﻓﺄﻃﺎﻝ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ والزوج يحاول أن ﻳﻤﻨﻌﻪ ، ﻓﺄﻧﺸﺪ ﻳﻘﻮﻝ :
أعَلى ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﺗﻐﺎﺭُ ﻣِﻨّﺎ ؟ . .
ﻣﺎﺫﺍ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺇﺫْ ﻧﻈﺮﻧﺎ . .
ﻫﻲَ ﻧﻈﺮﺓٌ ﺗُﻨﺴِﻲ ﺍﻟﻮَﻗﺎﺭَ . .
ﻭﺗُﺴﻌِﺪ ﺍﻟﺮّﻭﺡَ ﺍﻟمُعنَّى . .
ﺩﻧﻴﺎﻱ ﺃنتِ ﻭﻓﺮﺣﺘﻲ . .
ﻭمُنَى ﺍﻟﻔﺆﺍﺩِ ﺇﺫﺍ تَمنَّى . .
ﺃنتِ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀُ ﺑَﺪَﺕ ﻟﻨﺎ . .
ﻭاﺳﺘﻌﺼﻤﺖ ﺑﺎﻟﺒُﻌﺪِ عنَّا . .
وعندما سمع اﻷديب عباس محمود العقاد رحمه الله هذه اﻷبيات طرب لها ، وﺳﺄﻝ ﻋﻦ قائلها فقالوا له : إنه الشاعر السوداني《ﺇﺩﺭﻳﺲ ﺟﻤَّﺎﻉ》 وهو الآن ﻓﻲ مستشفى اﻟﻤﺠﺎﻧﻴﻦ .
فقال العقاد : ﻫذا ﻣﻜﺎﻧﻪ !!!! ﻷﻥ ﻫﺬﺍ الكلام ﻻ يستطيع قوله ذوو الفكر والعقول !!! .
ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺫﻫﺒﻮﺍ بإدريس جمّاع ﺇلى ﻟﻨﺪﻥ ﻟﻠﻌﻼﺝ ، أُﻋﺠﺐ ﺑﻌﻴﻮﻥ ﻣﻤﺮﺿﺘﻪ ﻭﺃﻃﺎﻝ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻋﻴﻨﻴﻬﺎ ، ﻓﺄﺧﺒﺮﺕ ﻣﺪﻳﺮ المستشفى ﺑﺬﻟﻚ ، ﻓﺄﻣﺮﻫﺎ باﻥ ﺗﻠﺒﺲ ﻧﻈﺎﺭﺓ ﺳﻮﺩﺍﺀ . ﻓﻔﻌﻠﺖ ، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺟﺎﺀﺗﻪ ﻧﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺟﻤﺎَّﻉ ﻭ ﺃﻧﺸﺪ يقول : وﺍﻟﺴﻴﻒ ﻓﻲ الغمدِ ﻻ ﺗُﺨشَى مضاربُه ﻭﺳﻴﻒُ ﻋﻴﻨﻴﻚِ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﻦ ﺑﺘّﺎﺭُ
ﻭقد ﺻُﻨﻒ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻴﺖ بأنه ﺃﺑﻠﻎ ﺑﻴﺖ ﺷﻌﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺰﻝ ﻓﻲ الشعر العربي في ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ .
وهذا الشاعر إدريس جمَّاع هو صاحب الأبيات الشهيرة التي يقول فيها :
إن حظي كدٓقيقٍ فوقٓ شوكٍ نثروه . .
ثم قالوا لِحُفاةٍ يومَ ريحٍ اجمعوه . .
صعب الأمرُ عليهم ثم قالوا اتركوه . .
أن من أشقاهُ ربي كيف أنتم تُسعدوه . .
واسند في شعره على التأمل والحب والجمال والحكمة، و كتب أيضا أشعارا وطنية مناهضة للاستعمار. وأُسلوب شعره مليئ برقة الألفاظ والاوصاف، و شِعره من وِجدانه وتجاربه العاطفية ووجدان أمته، أيضا شعره مليئ بوصف ثورة الثائر الوطني الغيور على حرية وطنه وكرامة أمته، وربط في أعماله بين السودان والأمة العربية والإسلامية، فتناول قضايا الجزائر ومصر وفلسطين، ونظم شعراً في قضايا التحرر في العالم أجمع.
وتوفي إدريس جماع عام 1980م بعد معاناة مع مرض نفسي أقعده طويلاً بمستشفى الأمراض العصبيّة بالخرطوم، وتم ارساله للعِلاج في لبنان في عهد حكومة الرئيس إبراهيم عبود وعاد إلى السودان دون أن تتحسّن حالته الصحيّة.
تعليقات
إرسال تعليق
بماذا تفكر؟
أخبرنا بالتعليقات