
إذا كنت تريد أن تكون فائزًا ، فغيّر فلسفتك وأقرأ كتاب كليلة ودمنة الآن!
كتاب "كليلة ودمنة" من الكتب التي تتضمن عدداً من القصص العجيبة حيث دخل المكتبة العربية في العصر العباسي "القرن الثاني الهجري"، وتمت ترجمته علي يد "عبد الله بن المقفع"، وقد أُعجب الناس بهذا الكتاب حتى كتب فيه "إبان بن عبدالحميد" شعراً للبرامكة في 5 آلاف بيت، وقيل أكثر من ذلك، ومنهم من أضاف له رسوماً مصورة تدلُّ على قصصه.
ويقول الأديب عبدالله ابن المقفع عن غرض الكتاب:
" جعل " بيدبا " كتاب كليله
ودمنه على ألسن البهائم والطير صيانةً لغرضه فيه من الطغام، وبخلاً بما ضمنه عن
العوام؛ وتنزيهاً للحكمة وفنونها، ومحاسنها وعيونها؛ إذ هي للفيلسوف مندوحةٌ
ولخاطره مفتوحةٌ ولمحبيها تثقيفٌ ولطالبيها تشريف".

يذكر ابن المقفع في مقدمة كتاب كليلة
ودمنه أن الحكيم الهندي "بيدبا" قد ألّفه الي ملك الهند «دَبْشليم»، واستخدم
فيه "بيدبا" الحيوانات والطيور كشخصيات رئيسية، وهي في الأساس ترمز إلى
شخصيات بشرية، والقصص المذكوره فيه تتضمن مجموعة مواضيع من أبرزها العلاقة بين
الحاكم والمحكوم، بجانب عدد من الحِكم والمواعظ. وعندما علم كسرى بلاد فارس «أنوشروان»
بأمر كتاب كليله ودمنه وما يحتويه هذا الكتاب العجيب من الحكم والمواعظ، أمر
الطبيب «بَرْزَوَيه» بالسفر إلى بلاد الهند ونسخ محتوي ذلك الكتاب ونقله إلى اللغة
الفهلوية الفارسية. وقيل انة سرق كتاب كليله ودمنه سرا، وترجمه الي اللغة الفهلوية
وزاد عليه فصولاً، ومن هنا وصل الي عبد الله بن المقفع، والذي بدوره ترجمه الي
العربية، بعدما زاد عليه فصولا هو الأخر.
كتاب كليلة ودمنه يتكون من خمسة عشر باباً رئيسياً، يحتوي كل باب على
عدة قصص أبطالها من الحيوانات والطيور. ولعل من أبرز وأهم شخصيات الحيوانات التي
يتضمّنها الكتاب، الأسد الذي يقوم في الكتاب بدور الملك، والثور الذي يُدعى "شَتْرَبه"
وهو يلعب دور خادم الملك "الأسد"، بجانب شخصيتان رئيسيتان من بنات آوى وهما
"كليلة" و"دمنة"، وكما هو واضح انه اختارهما ليكونا عنوانا لكتابه.
لعلي أخبركم بعض حكاياته.
يتميز كتاب كليلة ودمنة بالتنوع في الحكايات والقصص، ولقد عملنا على
تقديم أبرزها، فمنها ما يتعلق بالوشاية التي تفسد الصداقة كما حدث في حكاية "الأسد
والثور"، ومصير الواشي السيء كما في حكاية "الفحص عن أمر دمنة".
كما يوجد في الحكايات ايضاً بداية تواصل إخوان الصفا واستمرار المودة بينهم كما في
حكاية "الحمامة المطوّقة"، وأيضاً عدم الانخداع في العدو مهما أبدى من
نوايا وإن كان ظاهرها جميلاً كما في حكاية "البوم والغربان"، وإضاعة مجهود
الشخص بعد بذل مجهود فيه وذلك في حكاية "القرد والغيلم»، وما تؤدي إليه
العجلة في الأمور كما حصل في حكاية "الناسك وابن عرس»، وموالاة الأعداء عند
كثرتهم حولك كما في حكاية "الجرذ والسنور»، وكذلك ضرورة اتقاء أصحاب الثأر
بعضهم لبعض كما حصل في حكاية "ابن الملك والطائر فنزة»، ومراجعة الملك لمن
أخطأ بحقهم أو عاقبهم بدون ذنب وذلك في حكاية "الأسد والشغبر الناسك»، أيضاً الأمور
التي يثبت بها المُلك من خصال كما في حكاية "إيلاذ وبلاذ وايراخت»، والعفو
عند المقدرة وكذلك الاعتبار بما يحصل للشخص من مصائب وذلك في حكاية "اللبؤة
والإسوار والشغبر»، وترك الشخص لما يجيده إلى غيره في حكاية "الناسك والضيف»،
وكذلك عمل المعروف في غير موضعه مع ابتغاء الشكر عليه كما حصل في حكاية "السائح
والصائغ»، ورفعة مكانة الجاهل في الدنيا وابتلاء الحكيم في حكاية "ابن الملك
وأصحابه»، وأخيراً عاقبة تقديم المشورة للغير مع عدم تطبيقها كما حصل في حكاية
«الحمامة والثعلب ومالك الحزين". كانت تلك أبرز الحكايات التي وردة في كتاب كليله ودمنه. والان
دعونا ننتقل الي منشأ هذا الكتاب الشيق.
أصل كتاب كليلة ودمنة
اختلف بعض المؤرخين حول أصل كتاب كليلة ودمنة، ولكن أجمع عدد كبير من
الباحثين على أن الكتاب يرجع الي أصول هندية، ولقد تمت كتابة كليلة ودمنة في بادئ
الامر باللغة السنسكريتية، وذلك في القرن الرابع الميلادي.
إلا أن هناك من شكّك في هذه الرواية ورأى بأن أصل كتاب كليلة ودمنة
عربي، لان النسخة العربية هي النسخة الوحيدة الباقية من الكتاب، مع ضياع كلا
النسختين الهندية والفارسية، ويري المشككين ايضا أن قصة مقدمة الكتاب ونقله من بلاد
الهند إلى بلاد فارس وقصص الكتاب المروية على ألسنة الحيوانات ما هي إلا من وحي
خيال الكاتب عبد الله بن المقفع نفسه، ليبعد التهمة عنه، لأنه من المحتمل خائف على
نفسه من الهلاك.
تأثير كتاب "كليلة ودمنة" في الأدب العالمي.
لقد كان لكتاب كليله ودمنه تأثير قوي على العديد من الأعمال الأدبية
العالمية، فقد وجد عدد من الباحثون تشابهاً ملحوظاً بين بعض حكايات كليلة ودمنة و"خرافات
إيسوب" (هو عبد عاش في
اليونان القديمة 560 ق.م. اشتهرت حكاياته حول العالم. وتعد أساطيره رافدًا للتربية
الأخلاقية للأطفال)، وكذلك هناك تشابة بين كليلة ودمنة
وبين خرافات ماري الفرنسية، (كانت ماري دو فرانس شاعرة عاشت في
إنجلترا في أواخر القرن الثاني عشر وهي أول شاعرة فرنسية أنثى)، بالإضافة إلى عدد من القصص المشهورة الأخرى،
كما ان هنالك خرافات حيوانية مماثلة في معظم ثقافات العالم، ويجد البعض بأن الهند
هي المصدر لهذا النوع من الخرافات. كما ان الكاتب الفرنسي "جان دو لافونتين"
(كاتب قصص خرافية) أقرّ بأن أعماله مستوحاة من كتاب
كليلة ودمنة، حيث ذكر في مقدمة كتابه الثاني الخاص بالقصص الخرافية: "هذا هو
الكتاب الثاني من الخرافات الذي أقدمه للجمهور ... لا بد لي أن أعترف بأن الجزء
الأكبر منه مستوحى من كتاب الحكيم الهندي بيلباي". كما يرى بعض الباحثين بان
كليلة ودمنة أصل بعض حكايات ألف ليلة وليلة وسندباد، وكذلك عدد كبير من الأعمال
الأدبية الغربية من قصص وقصائد وغير ذلك.
أما النسخة العربية بالتحديد من كتاب كليلة ودمنة، فقد لعبت دوراً
رئيسياً مهماً في انتشاره ونقله إلى العديد من لغات العالم إما عن طريق النص
العربي مباشرة أو عن طريق لغات وسيطة أخذت عن النص العربي. ويصنف النقاد العرب
القدامى كتاب كليلة ودمنة في الطبقة الأولى من الكتب العربية ويجعلونه أحد الكتب
الأربعة الأكثر تميزاً، إلى جانب "الكامل" للمُبَرّد و"البيان
والتبيين" للجاحظ و"العمدة" لابن رشيق.
والي هنا فقد قدمنا مختصر لقصة كتاب "كليلة ودمنة"، ولان نريد ان نتعرف على:
عبدالله ابن المقفع.

هو أبو محمد عبدالله بن المقفع، مفكر فارسي وكان مجوسياً،
وأسلم. وكان بليغاً فصيحاً كريماً ولد سنة ١٠٦هـ وأخذ من الآداب الفارسية وتعلم
العربية وألف فيها مجموعة من المصنفات تشهد بعلو قدره في اللغة والحكمة والفلسفة،
وله "الدرة اليتيمة" التي وصفها الأصمعي: لم يصنف مثلها، وقد ضاع هذا
الكتاب ولم يبق من مصنفاته إلا "الأدب الكبير والصغير" و "كليلة
ودمنة" وشعر قليل ينسب له، وقد قُتل في سنة ١٤٢هـ، وله من العمر ٣٦ عام.
تعليقات
إرسال تعليق
بماذا تفكر؟
أخبرنا بالتعليقات